الأحد، 27 نوفمبر 2011

بلاوي الشتاء ... اذا بتقرف لا تفوت

.. لن أحدثكم عن صوبات الغاز والكاز , ولا المكيفات ولا صوبات البواري ولا عن أزمة المواصلات ولا ( مزاريب ) الجيران .. لكن استغل فرصة الصقيع بالعودة الى ذكريات الطفولة , حيث كانت درجات الحرارة - بل البرودة- تقل عن الصفر .. فكما تعلمون كانت البركة في كل شيء حتى ( البرد ) كان مضاعفا , وأكثر ما يعلق في ذاكرتي أن أمي - الله يحفظها - كانت تخاف علينا من البرد فتحشو أجسادنا بما تكدس من ملابس كانت مخزنة في ( المخدات ) وفوق الخزانة وأماكن أخرى ( بضم الهمزة) فكان الطفل احيانا لا يستطيع ضم ذراعيه الى جسده لكثرة ما تحت ابطيه من ( كنزات) ..وكانت الظاهرة المشتركة و المنتشرة بين الأطفال في تلك الحقبة هي وجود سوائل تتدلى من ( المناخير ) على مدار اليوم , ولم تكن المناديل الورقية والمحارم المعطرة منتشرة كثيرا , فهي منتجات خاصة بأبناء الذوات , فكانت أكمام ( البلوزة) هي المنقذ الوحيد لتجفيف منخارك قبل أن يلمحك أحد أبناء جيلك وينعم عليك بلقب ( أبو بربور ) , وكانت المصيبة الأعظم أن ( الكم ) قد لا يساعدك لفترة طويلة فتضطر لثنيه أكثر من مرة الى أن تصبح البلوزة ( نص كم ) , أما في أيام الصقيع والبرد القارص ( المربعانية ) فكان الكم يأبى الإنحناء ولا تستطيع ثنيه الا بتكسير طبقة زجاجية تشكلت عليه من تفاعل السائل مع الجو ..فإذا ما مسحت منخارك للمرة الثانية فربما تجرح نفسك بالسائل المتجمد .. عندما كبرنا قليلا واكتشفنا ( فاين ) لم نعد نستخدم أكمام البلايز , لكن بقيت المشكلة في السائل المتدلي , فهو يتجمد عند طرف المنخار في ايام الصقيع , وقد يحتاج الأمر لتوزيع ( كماشة ) مع كل عبوة مناديل , وكما قال البائع في سوق الجمعه : فرررررررح برابيرك بفاين :))

الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

التبوّل الإرادي ...

.. نعم عزيزي القارئ , فالعنوان صحيح تماما .. وانا اقصد التبوّل مع سبق الإصرار والترصد وليس التبول اللا إرادي .
ولتعريف العنوان ينبغي أن اوضح بعض الأمور ..
فقد كنت اعيش طفولة تعبق برائحة الملوخية , داخل غرف ( الوكالة ) المتراصة في احد المخيمات ..
وغرف الوكالة لمن يجهل ما هيتها , هي مكعبات اسمنتية انشأتها وكالة غوث اللاجئين على عجل لتملأها في يوم وليلة
بما جادت به بنادق الإحتلال من تهجير وتشريد لأهالينا في فلسطين ..
كانت كل اسرة تحصل على ( قطعة ) 100 متر مربع , تقام عليها غرفتين متلاصقتين أحداهما للأبوين من اجل انتاج الأولاد والأخرى لباقي افراد الأسرة من شتى الأصول والمنابت , وفي الجهة المقابلة غرفة اضافية يتم استخدامها كمطبخ وغرفة عمليات وغرفة تخزين وغسيل وتحميم اولاد وما يلزم غير ذلك .. وفي الزاوية المتبقية يتربع الحمام وكنا نطلق عليه اسم ( بيت الخارج ) لأنه خارج نطاق البيت كليا , وهذا ما يسمى في لغتنا العامية ( غرفتين ومنافعهم ) ..
حين كنت طفلا, كانت هذه دنيتي , اتنفس فيها والعب فيها وآكل وأشرب فيها , لم اعرف عالما أكبر من المخيم ولا دنيا اكبر من قطعتنا ( الغرفتين ومنافعهم ) .. وكانت المسافة من الغرفتين الى الحمام او المطبخ كفيلة بجعلنا نقيم سباق ضاحية مصغر .. فهي بالنسبة لنا مسافة طويلة , وفي الفترة التي لم يكن فيها بعد اعمدة انارة في شوارعنا , كانت الأسقف والبيوت ( المطبوقة ) غير متعارف عليها , فالقمر هو سراجنا اذا ما انطفئ ( الفانوس ) , ولا مجال لحمل الشمعه في اوقات الشتاء لأنها لن تصمد بعد فتح الباب , وأشير هنا الى أنني سأعترف بسرّ اخفيته طوال تلك الفترة .. وهو انني حين زارنا احد الأقارب اسرفت في شرب الشاي مساءً , ولم اعمل بنصيحة امي ولم اكترث بنظراتها التي تشير لي بعدم التمترس امام ( ابريق الشاي ) , وجاء الليل باكرا في ذلك الوقت العاصف .. فاستلم كل فرد فراشه وبدأنا مراسم النوم ,, بعد ساعات شعرت بالرغبة في دخول الحمام , يا للهول !! , الكل نائمون وانا ( أتعصّر ) ولا مجال للوصول الى غرفة الوالدين , حاولت فتح باب الغرفة الوحيد والذي يطل على ( حوش الدار) واسترقت النظر وانا ارتجف خوفا من الظلام والبرد معا , فزاد رعبي من خيال قطة تقف على سطح المطبخ , ثم سمعت صوت بوم يزعق , وهناك صوت باب يتأرجح مع الريح .. واختلطت الأصوات في رأسي ولم اعد قادرا على الخروج , فقد عزمت على الرجوع الى فراشي والإستسلام للقدر , وبالفعل غطيت نفسي جيدا , وأغمضت اجفاني , وارتخيت قليلا . ثم شعرت بدفء تحت البيجاما , وما هي الا لحظات حتى غبت في سبات عميق أوصلني الى الصباح , وبدأ الديك بالصياح .. وسكت شهريار عن الكلام المباح ..
وللحديث بقية :)

السبت، 5 نوفمبر 2011

احتفالا بميثاق الشرف ..

.. لزواج قريب , لطهور حفيد , لعودة مسافر , لفوز مرشح , لتعافي عجوز , لنجاح فحص بول , لفوز فريق اسباني , لموت يهودي , لولادة نعجة , صلحة بين عشيرتين, رجوع التيار الكهربائي , وصول بكم العلف , نجاح طفل في الصف الأول بمعدل 65% , سقوط خزان ماء عن سطح عمارة دون حدوث اصابات , ترقية في وظيفة , لقب فخري بلا راتب ,, كل هذه المناسبات وغيرها كفيلة بإحداث جبهة من ( اطلاق الرصاص الحي ) في محافظتنا العزيزة .. كيف لا ونحن شعب يحب ( العرط ) ولو على ( خازوق ) .. وقد يقترض احدنا المال ليشتري العتاد فيما لا يجد اهل بيته رغيف الخبز احيانا .. لا يهمنا ان كان في الجوار طالب يدرس ليلة الامتحان , ولا نحسب حساب طفل نام للتوّ بعد ان جاهدت أمه ليغمض اجفانه , لن يضيرنا اذا كان بيتنا بجانب مستشفى , وسنتغافل ان كان في الحي المجاور بيت عزاء , قد نوقظ البلد بأكملها في لحظة جنون عابرة .. وليسقط الرصاص الطائش اينما شاء ..
حاول زعماء القبائل وكبار البلد بتوجيه من المحافظ أن يوقفوا هذه العادة القاتلة , وذلك بعد أن امتنعت بعض الدول من ارسال طائراتها من فوق تلك المحافظة نظرا للأطلاق العشوائي وغير المسؤول في تلك الأجواء المشحونة بالفرح القاتل .. عدة محاولات بائت بالفشل , وبعد اصرار عنيف وجهد جهيد تمكن مدير الأمن والمحافظ من جمع كبار البلد والمخاتير وابلغهم بأن هناك ( وثيقة شرف ) سيتم التوقيع عليها ليلتزم جميع الأطراف بالتهدئة و التوقف عن العبث بالسلاح ..
ولأول مرة في تاريخ المحافظة يوافق الجميع على هذه الوثيقة .. ويقسم الجميع على الإلتزام وتبليغ ابناء البلد بما تم الاتفاق عليه , بعد ذلك يقوم الحاضرون بتوقيع المعاهدة ويسلمون على بعضهم البعض , ثم يخرج كبيرهم الى الشرفة ويسحب مسدسه ويطلق وابل من العيارات النارية احتفالاً بهذه المناسبة ..