السبت، 9 فبراير 2008

مكالمة من البرزخ

... حين يرن جرس الهاتف في الصباح فهو كطفل يصرخ في أذنك وأنت نائم , خير اللهم اجعله خير .. رفعت السماعة وانا نصف نائم وتثاءبت وأنا أفتتح المكالمة .. آآآآآلوووووههههاا ه .. رد الطرف الثاني بصوت رجل كبير في السن .. السلام عليكم . الو ,, الوو !! - استجبت له بمزيد من التكاسل , هلا تفضل , مين معي ؟ - انا أبوك , كيف حالك يا ولدي ؟ - هنا انتفضت وصحصحت وعدلت من جلستي , نعم ؟ ابوي ؟ ابوي مين ؟ ابوي مات من يومين ودفناه ! - كيفك وكيف الأولاد ؟ - يبدو ان هذا العجوز لم يسمعني جيداً او أن سمعه تقيل .. انت مين يا حج ؟ - ها , مش سامع ؟ شو بتقول ؟ - بقول : انت مين ؟ وشو بدك ؟ - الله يسلمك , الكل بخير والجماعة بيسلموا عليك .. - أي جماعة يا حج ؟ انت متى طلعت من القبر ؟ - ابو جبر بعدني ما زرتو . - يستر بيتك بلاش مزح , اذا انت محمود وبدك تعمل مقلب فخليها بعد العزا ما يخلص .. - عزا مين ؟؟ حد مات ؟ .. - هنا صرخت كي يسمعني جيداً : انت متأكد انك ابوي ؟؟ - ايوه انا أبوك , شو مالك ؟ مش عارف صوتي ؟ * هنا انتابني شعور انه فعلاً أبي , فأنا رأيت حالات مماثلة في بعض الأفلام , واقتنعت ان الأموات يعودون أو ان أبي حصل على موبايل في الجنة وفكر ان يطمئن على أولاده .. فرغبت بتأكيد الشك : - ايوه يابا .. كيف حالك ؟ - الحمد لله , كل شي تمام .. - كيف الوضع عندك ؟ كيف الجماعة استقبلوك ؟ - ولا أحلى من هيك , كان استقبال حافل , وما قصروا.. - ما شاء الله , طيب كيف شفت الجنة ؟ - شو أوصفلك ؟ مزارع وبساتين وشجر, شوفة الزيتون لحالها بترد الروح .. - طيب التقيت بجدتي ؟ شو أخبارها ؟ - على اعتبار ان جدتي في الجنة _ - لسه ما شفتها , لأنها ساكنة بمنطقة بعيدة شوية ,, بس حكينا معها ورح تيجي الليلة ! - يا حبيبي يابا , والله لك وحشة , كنت مالي علينا البيت .. - طيب يا ولدي طمنني , شو عملتوا بعدي ؟ - خليها على الله يابا .. بعد ما فارقتنا شعرنا البيت مظلم , والكل صار يبكي , وأمي دخلت بغيبوبة ودخلناها المستشفى والبنات ما ناموا , وأنا لسه من ساعتين نمت علشان اقدر أوقف على رجليّ .. - ولك ليش هيك بتعملوا ؟ هو أنا أول مرة أنام برة الدار ؟ - مش أول مرة , لكن حتكون آخر مرة , وما حنشوفك الا في الجنة إنشاء الله .. - ولك شو بتحكي ؟ شو صايرلك بعدي ؟ - بعدك الدنيا انقلبت , والشباب بكرة حيوزعوا الورثة , وربنا يستر .. - ورثة ؟ تورثوني بالحيا ؟ الله يخرب بيتكوا, انا بكرة قاطع زيارتي وراجعلكم .. - يابا بتفكر دخول الحمام مثل خروجه ؟ كيف ترجع ؟ في هناك مواصلات ؟ - رح ارجع على نفس الرحلة , ورح اورجيكوا يا قليلين الترباية !! - يابا ليش عصبت ؟ انت عايش بالجنة ومبسوط , بلاش تنكد على حالك ؟ - انا كنت مبسوط لحد ما سمعت بتقسيم الورثة , وبكرة من الصبح خلي يوسف يستناني بالموقف - يوسف مين بلا مؤاخذة ؟ - يوسف أخوك .. والا خلص بطلتوا تعرفوا بعض ؟؟ - لا يابا بعدنا إخوان , بس ما عندنا أخ اسمه يوسف !! - ياخوفي تكونوا رميتوه في غيابة الجب ! يا خراب بيتك يا ابو يوسف .. - يابا انا بحكي عن جد , ما عندك ولد اسمه يوسف .. سلامة عقلك . - انتم خليتوا فيني عقل ؟ انا بحكيلك وين يوسف ؟ - يابا اقسم لك بالله ما عندنا أخ اسمه يوسف . - انا لله وانا إليه راجعون , طيب وأخوك لبيب ؟ هسه احكيلي ما عندي أخ اسمه لبيب ! - برضو ما في لبيب .. شو صايرلك يا حج ؟ - ولك يقصف عمرك شو لخمة , انت مين طيب ؟ احكيلي انك مش سامح ! - سامح مين ؟ - شايف ؟ انا كنت متأكد انك بتتخوث .. - طيب انت من وين بتحكي ؟ - انا ؟ بحكي من رام الله من بيت أخوك حمدي . - وبالضبط طالب رقم مين ؟ - طالب رقم ابني سامح بمخيم البقعة , انت مش سامح يعني ؟ بتتخوث يا سامح ؟ - حج .. اسمع احكي لك , انت غلطان بالرقم وانا مش سامح ولا ساكن بالبقعة وملعون ابو التلفون لأبو اللي ركبوه . وحل عني لأني دافن ابوي امبارح ولحد هسه ما نمت ..

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

جد صارت هاي القصة؟