الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

التبوّل الإرادي ...

.. نعم عزيزي القارئ , فالعنوان صحيح تماما .. وانا اقصد التبوّل مع سبق الإصرار والترصد وليس التبول اللا إرادي .
ولتعريف العنوان ينبغي أن اوضح بعض الأمور ..
فقد كنت اعيش طفولة تعبق برائحة الملوخية , داخل غرف ( الوكالة ) المتراصة في احد المخيمات ..
وغرف الوكالة لمن يجهل ما هيتها , هي مكعبات اسمنتية انشأتها وكالة غوث اللاجئين على عجل لتملأها في يوم وليلة
بما جادت به بنادق الإحتلال من تهجير وتشريد لأهالينا في فلسطين ..
كانت كل اسرة تحصل على ( قطعة ) 100 متر مربع , تقام عليها غرفتين متلاصقتين أحداهما للأبوين من اجل انتاج الأولاد والأخرى لباقي افراد الأسرة من شتى الأصول والمنابت , وفي الجهة المقابلة غرفة اضافية يتم استخدامها كمطبخ وغرفة عمليات وغرفة تخزين وغسيل وتحميم اولاد وما يلزم غير ذلك .. وفي الزاوية المتبقية يتربع الحمام وكنا نطلق عليه اسم ( بيت الخارج ) لأنه خارج نطاق البيت كليا , وهذا ما يسمى في لغتنا العامية ( غرفتين ومنافعهم ) ..
حين كنت طفلا, كانت هذه دنيتي , اتنفس فيها والعب فيها وآكل وأشرب فيها , لم اعرف عالما أكبر من المخيم ولا دنيا اكبر من قطعتنا ( الغرفتين ومنافعهم ) .. وكانت المسافة من الغرفتين الى الحمام او المطبخ كفيلة بجعلنا نقيم سباق ضاحية مصغر .. فهي بالنسبة لنا مسافة طويلة , وفي الفترة التي لم يكن فيها بعد اعمدة انارة في شوارعنا , كانت الأسقف والبيوت ( المطبوقة ) غير متعارف عليها , فالقمر هو سراجنا اذا ما انطفئ ( الفانوس ) , ولا مجال لحمل الشمعه في اوقات الشتاء لأنها لن تصمد بعد فتح الباب , وأشير هنا الى أنني سأعترف بسرّ اخفيته طوال تلك الفترة .. وهو انني حين زارنا احد الأقارب اسرفت في شرب الشاي مساءً , ولم اعمل بنصيحة امي ولم اكترث بنظراتها التي تشير لي بعدم التمترس امام ( ابريق الشاي ) , وجاء الليل باكرا في ذلك الوقت العاصف .. فاستلم كل فرد فراشه وبدأنا مراسم النوم ,, بعد ساعات شعرت بالرغبة في دخول الحمام , يا للهول !! , الكل نائمون وانا ( أتعصّر ) ولا مجال للوصول الى غرفة الوالدين , حاولت فتح باب الغرفة الوحيد والذي يطل على ( حوش الدار) واسترقت النظر وانا ارتجف خوفا من الظلام والبرد معا , فزاد رعبي من خيال قطة تقف على سطح المطبخ , ثم سمعت صوت بوم يزعق , وهناك صوت باب يتأرجح مع الريح .. واختلطت الأصوات في رأسي ولم اعد قادرا على الخروج , فقد عزمت على الرجوع الى فراشي والإستسلام للقدر , وبالفعل غطيت نفسي جيدا , وأغمضت اجفاني , وارتخيت قليلا . ثم شعرت بدفء تحت البيجاما , وما هي الا لحظات حتى غبت في سبات عميق أوصلني الى الصباح , وبدأ الديك بالصياح .. وسكت شهريار عن الكلام المباح ..
وللحديث بقية :)

هناك 6 تعليقات:

نيسآان يقول...

ههههههههههههههههه
ما في احلى من ذكريات الطفوله .. سعيده و دافئه :)

shalhoob يقول...

وما أجمل أن يتشارك الجميع نفس أحداث الطفولة ,, لأن الدفا مع الجماعة رحمة :))))

هبة فاروق يقول...

ذكريات قد تكون مرت بك وتركت اثر فى نفسك وحفرت داخلك شىء من الخوف والرعب والحزن ..ارى هنا طفوله حزينه ..ولكنى اعتقد انك تغلبت على تلك المخاوف عندما بدأت تستوعب ما حولك من ظروف ..وان الحياه ليس كقطعه السكر بل يتخللها مر وعلقم
فى انتظار باقى الاحداث
مدونه جميله وسرد رائع ودافىء كصاحبه
اشكرك

shalhoob يقول...

اشكرك زميلة هبه على طرحك وعلى تحليل الموقف :))
واهلا بك في مدونتي المتواضعه وارجو ان يدوم انطباعك الأول عنها .. مع اجمل تحياتي ..

hana يقول...

ههههههههههه حلوة بـــــــــــس مؤلمة لأنه زي ما حكت هبة فيها طفولة ناقصها كتير اساسيات
شكرا لنيسان انها عرفتنا على مدونتك :)

shalhoob يقول...

اهلين هنا , انا و معظم دفعتي ( مواليد السبعينات ) ما عشنا الطفولة اللي عاشها كثير اطفال .. ولا حتى اساسياتها .. لنا الله !!